تحديات‭ ‬كبرى‭ ‬تواجه‭ ‬جودة‭ ‬العمل‭ ‬الفني

اتفق المشاركون في الندوة الأولى من سلسلة الندوات المصاحبة لمهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون، التي أقيمت في الحادية عشرة صباح أمس الثلاثاء، ضمن فعاليات المنتدى الإعلامي الثاني، تحت شعار المنامة عاصمة الإعلام العربي 2024 (الإعلام الرقمي.. المصداقية والأثر الإيجابي) على اختلاف هذا المعيار من شخص لآخر كل حسب موقعه في العمل الفني، مشيرين إلى أن المصداقية لدى صانع المحتوى تختلف عن المنتج وعن المخرج، لكنها تلتقي عند نقطة واحدة في الأهداف والرسالة التي يسعى صاحب العمل إلى إيصالها لجمهوره.

كما أشاروا إلى تعرض صناع العمل إلى عدة ضغوط من بينها الضغوط الإعلانية التي تسعى إلى تمرير محتوى خاص عبر الأعمال الفنية، دون أن يكون صناع العمل متفقين معها، وتخالف قناعاتهم وثقافاتهم وما يؤمنون به من قيم وعادات.

استضافت الندوة التي أقيمت في مقر المهرجان بمركز الخليج للمؤتمرات بفندق الخليج، صانع المحتوى عمر فاروق، والمنتج جاسم بوحجي، والمخرج السينمائي هاشم شرف، وأدارت الندوة الإعلامية مريم فقيه.

فاروق: الإغراءات خلف تمريرات بعض صناع المحتوى

في البداية تحدث عمر فاروق عن مصداقية صانع المحتوى، حيث أشار إلى أن المصداقية في هذا المجال ترتكز على ثلاثة عناصر رئيسة، أولها أن يكون صانع المحتوى لديه مصداقية في الإعلان، إذ يجب أن يكون مقتنعا بما يقوم بالإعلان عنه ويتماشى مع قيمه.

العنصر الثاني أن يكون صانع المحتوى صادقاً مع جمهوره، مشيراً إلى أنه من السهل على صاحب المحتوى خداع المتابعين بما يقدمه من محتوى، لكن ذلك سيكون على مدى قصير جداً، إذ سرعان ما تتكشف حقيقته بعد ذلك ويخسر الكثير مما بناه ويخسر متابعيه أيضاً.

أما العنصر الثالث، فيتمثل في أن يكون صانع المحتوى صادقاً مع نفسه، لأن الكثيرين من صناع المحتوى يخدعون أنفسهم ويضعون الكثير من التبريرات لإقناع أنفسهم بأن ما يقومون به هو الصحيح، وأمر مقبول. كما أشار عمر فاروق إلى وجود بعض الضغوط والإغراءات التي يتعرض لها صناع المحتوى، وقد يكون صانع المحتوى غير مقتنع بذلك ولا يتماشى مع أهدافه وقيمه، مضيفاً أن بعض الأشخاص الذين يهمهم فقط الكسب المادي ينقادون وراء تلك الإغراءات التي تسهم في إنهاء مسيرة الكثير من صناع المحتوى وتفقدهم المصداقية أمام الجمهور، مشيراً إلى أن أصعب ما يواجهه الفنان أو صانع المحتوى هو أن يساء فهم رسالته أو تحويرها أو الدخول في نواياه.

ونفى فاروق انقياد الجمهور وراء المحتوى الفارغ من الفائدة على مواقع التواصل الاجتماع، مؤكداً أن الجمهور على درجة كبيرة من الوعي، ويدرك ما يجب أن يشاهده، لكن ذلك يعتمد على طريقة تقديم المنتج المستهدف بالدرجة الأولى موضحاً أن الجمهور ليس لديه مشكلة مع المحتوى الهادف، ولكن مشكلته مع الأسلوب في تقديم المحتوى، فلا بد من إمتاع وإلهام المتابعين، فهناك صناع محتوى يقدمون محتوى هادف لكنه يفتقد إلى عوامل الجذب مثل التصوير والصوت والمؤثرات والأهم من ذلك البداية الجاذبة، لأن الثواني الثلاث الأولى – حسب تعبيره – هي أهم لحظة لجذب انتباه المتابعين للعمل.

بوحجي: لا يوجد محتوى حقيقي 100%

قال المنتج جاسم حجي: إن المصداقية تختلف بحسب العمل الذي تقوم به، موضحاً أن المصداقية في مجال صناعة المحتوى تختلف عن المنتجين وعن المخرجين، إذ أن لكل شخص نظرته للمصداقية. وأوضح حجي أن المصداقية لدى كل شخص تعتمد على معلوماته وثقافته والمحتوى الذي يقدمه، مؤكداً عدم وجود محتوى حقيقي 100 % في الإنتاج السينمائي والتلفزيوني.

وعرّف حجي المصداقية بالنسبة له كمنتج، أنها “إنتاج ما يمثله ويمثل قيمه أو أيديولوجيته الخاصة أو المنطقة التي يكون ضمن إطارها”.
وعرج حجي في حديثه على الأجندات الخاصة وتأثيرها على المنتجين، مشيراً إلى أن بعض المنصات لها أهداف وأجندات خاصة واتجاهات مختلفة، لكنها تحاول أن تكون محايدة، وهي تعمل على تقديم محتوى يجذب انتباه المشاهد، وأضاف: “نحن مسؤولون عن صناعة محتوى يناسب أهدافنا وقيمنا، وهناك أجندات وأهداف، ولكننا نصنع ما تمليه علينا قناعاتنا وقيمنا”.

وبيّن حجي أن معظم المنصات الإعلامية تظهر لجمهورها ما يبحثون عنه بحسب اهتمامتهم، موضحاً أن منصة “نتفلكس” على سبيل المثال تتضمن أعمالاً إعلاميةً متنوعة، وموجهة لجميع الأعمار والميول أيضاً، وعندما يبحث شخص ما عن ما يثير اهتمامه في المنصة، فإنها تظهر له الأعمال ذات الصلة بشكل تلقائي، لذلك فإن المنصة ليست المسؤولة عن توجيه الأشخاص نحو أعمال معينة بل هي تساعدهم على إيجاد ما يهتمون به من خلال بحثهم ورغبتهم في مشاهدة أعمال معينة.

شرف: “السينما أجمل كذبة”

استحضر المخرج السينمائي الشاب هاشم شرف السينما مقولة إن «السينما أجمل كذبة»، مشيراً إلى أن صناعة السينما وأدواتها لا تتوافر بها مصداقية، واستدرك: «إلا أن الهدف والرسالة التي أود أن تصل إلى الجمهور من خلال العمل السينمائي هي التي يجب أن تحمل المصداقية».

واتفق شرف مع حجي في أن المصداقية تختلف من شخص لآخر في العمل الفني، وربما في الحياة أيضاً، مؤكداً أن المخرجين لديهم قيم وثقافة يتمسكون بها، وعدد قليل منهم من يتخلى عن مصداقيته وينقاد وراء ما يطرح له من إغراءات قد تؤثر على مصداقيته لدى جمهوره ومحبي أعماله الفنية. ولفت إلى أن هناك قصوراً لدى بعض المخرجين يتمثل في عدم قدرتهم على توجيه المنتجين الذين يسعون للكسب المادي فقط، موضحا أن بعض المنتجين يبحثون عن أفكار فنية ولا يجدون التوجيه من المخرجين نحو الأعمال الهادفة، مما يسهم في انحراف بعض الأعمال الفنية عن القيم والثقافة التي تعودنا عليها.

وأضاف شرف: «نحن نحتاج إلى مراعاة المحتوى الذي نصنعه ونقدمه للمجتمع لتجنب الأثار السلبي الذي تحدثه المنصات، من أفلام ومسلسلات وغيرها، خصوصاً أن هناك جرائم كثيرة ترتكب بسبب المحتوى الذي يتم صناعته وتقديمه».