يتفاعل مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون خلال هذه الدورة مع معطيات العصر والتطور الإعلامي المتسارع، إذ خصص إحدى ندواته لدور منصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في إعلام المستقبل، وهو ما يفتح قوساً جديداً أمام الإعلام المعاصر بكل مخاطره التي تحيط بنا جراء عدم القدرة على السيطرة على المكتوب والمسموع والمرئي، بل أصبح الجميع يشارك في التعاطي مع الإعلام، دون انتقاء أو التفات للمهنية والخبرة.. ولكن على الجانب الأخير هناك من يرون أن هذه الوسائط الجدية، تتميز بسرعة التواصل مع المتلقي، والمقدرة على مسابقة الزمن مع الحدث الآني، ولكن تظل المصداقية معيارً منحل اختبار في كلة الأحوال.
وبالعودة إلى بدايات ظهور انتقال الأخبار، فإنه إذا كانت الحضارة فى إحدى تعريفاتها، هى فن اختراع واكتشاف وتطوير الأدوات. فإن ذلك يصدق إلى درجة البداهة،على اختراع الورق، وتطوير أدوات الكتابة عليه.
فقد شكل اختراع الورق 105 ميلادية، ثورةً معرفيةً كبرى فى التاريخ البشرى، سهَلت من نقل المعارف والأخبار بين البشر، لتأتى الثورة المعرفية الثانية، من طريقة تطوير الكتابة عليه، وذلك باختراع المطبعة على يد يوهان جوتنبرج عام 1440 ميلادية فى ألمانيا. وفى ألمانيا ذاتها حدثت الثورة الثالثة الخاصة بتسهيل نقل الأخبار، وذلك بصدور أول جريدة مطبوعة فى العالم منذ عام 1605 ميلادية.
لكن الشفاهية عادت مرة أخرى، لتؤكد أحقيتها فى نقل الأخبار، وذلك باختراع الراديو 1901 ميلادية، وعندما انتشرت الإذاعة، بدأ التساؤل عن مستقبل الإعلام المكتوب فى مقابل الإعلام المسموع، وهو السؤال الذى فرض نفسه بطريقة أخرى عندما ظهرالتليفزيون للاستخدام التجارى عام 1927.
وأصبح الخبر أو أصبحت الحقيقة هى المنقولة من العين للعين والأذن معاً، إذ مع هيمنة ذلك الجهاز الجبار، ظل السؤال الأكبر عن مستقبل الإعلام المكتوب والمسموع، أمام الإعلام المرئى، وظل السؤال يتطور ويتجدد مع تطور وتجدد الوسائط، حتى وصل إلى دور منصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في إعلام المستقبل؟
هكذا فإن السؤال عن دور منصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في إعلام المستقبل؟ يتعلق أساسا بسؤال أكثر أهمية، ولكن من هو إنسان المستقبل؟.